-قالت شهرزاد : بلغني أيها الملك السعيد أن ملكة الحياة قالت لحاسب :فلما سمع جانشاه كلام الشيخ نصر بكى بكاء شديداً وقال له :يا والدي كيف تكون حيلتي حتى أروح إلى بلادي؟ فقال له الشيخ :اعلم يا ولدي أنك بالقرب من جبل قاف ،وليس لك رواح من هاذا المكان ألا أذ أتت الطيور وأوصى عليك واحداً منها ،فيوصلك ألى بلادك ،فأقعد عندي في هاذا المكان وكل وأشرب وتفرج في هاذا المقاصير حتى تأتي الطيور . فقعد جانشاه عند الشيخ وصار يدور في الوادي ويأكل من تلك الفواكه ويتفرج ويضحك ويلعب . ولم يزل مقيماً في ألذ عيش مدة من الزمان حتى قرب مجيء الطيور ،من اماكنها لزيارة الشيخ نصر . فلما علم الشيخ نصر بمجيء الطور قام على قدميه قال لجانشاه :يا جانشاه خذ هذه المفاتيح وافتح المقاصير التي في هاذا القصر ،وتفرج على مافيها ألا المقورة الفلانية ،فأحذر أن تفتحها ،ومتى خالفتي وفتحتها ودخلتها لا يحصل لك خير ابدأ . وأوصى جانشاه لهاذه الوصية وأكد عليه فيها وسار من عنده لملاقاة الطيور ،فلما نظرت الطيور الشيخ نصر أقبلت عليه وقبلت يديه جنساً بعد جنس . هاذا ما كان من أمر الشيخ نصر . وأما ما كان من أمر جانشاه ،فأنه قام على قدميه وصار دائراً يتفرج على القصر يميناً وشمالاً ،وفتح جميع المقاصير التي في القصر حتى وصل إلى المقصورة التي حذره الشيخ نصر من فتحها فنظر ألا باب تلك المقصورة فأعجبه ،ورأى عليه قفلاً من ذهب فقال في نفسه :أن هذه المقصورة أحسن من جميع المقاصير التي في القصر ،يا ترى مايكون في هذه المقصورة حتى منعني الشيخ نصر من الدخول فيها ؟ فلا بد لي من أن ادخل هذه المقصورة وانظر الذي فيها ، وما كان مقدراً على العبد لابد ان يستوفيه . ثم مد يده وفتح المقصورة ودخل فرأى فيها بحيرة عظيمة ،وبجانب البحيرة قصر صغير وهوا مبنى من الذهب والفضة والبلور ،وشبابيكه من الياقوت ،ورخامه من الزبرجد الأخضر والبلخش ،والزمرد والجواهر مرصعة في الأرض على هيئة الرخام . وفي وسط ذلك القصر فسقية من الذهب ملآنة بالماء، وحول تلك الفسقية وحوش وطيور مصنوعة من الذهب والفضة، يخرج من بطونها الماء. واذا هب النسيم يدخل في آذانها فتصفر كل صورة بلغتها . وبجانب الفسقية ايوان عظيمة عليه تخت عظيم من الياقوت ،ومرصع بالدر والجواهر ،وعلى ذلك التخت خيمة منصوبة من الحرير الأخضر مزركشة بالفصوص والمعادن الفاخرة ،ومقدار سعتها خمسون ذراعاً وداخل تلك الخيمة مخدع فيه البساط الذي كان لسيدنا سليمان عليه السلام ورأى جانشاه حول ذالك القصر بستان عظيماً ،وفيه أشجار وأثمار وأنهار ،وفي دائرة القصر مزراع من الورد والريحان والنسرين ،ومن كل مشموم ،واذا هبت الرياح على الأشجار تمايلت تلك الأغصان . ورأى جانشاه في ذلك البستان جميع الأشجار رطباً ويابساً وكل ذلك في المقصورة . فلما رأى جانشاه هاذا الأمر تعجب منه غاية العجب وصار يتفرج في ذلك البستان وذلك القصر ،وعلى مافيه من العجب والغرائب ،ونظر إلى البحيرة فرأى حصاها من الفصوص النفيسة والجواهر الثمينة والمعادن الفاخرة ،ورأى في تلك المقصورة شيئاً كثيراً . وأدرك شهرزاد